الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ فِيهَا اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : سَبَبُ السُّؤَالِ : وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ : فَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ :﴿ كَانَتْ الْيَهُودُ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبُيُوتِ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَاكِلُوهُنَّ وَيُشَارِبُوهُنَّ، وَأَنْ يَكُونُوا فِي الْبَيْتِ مَعَهُنَّ، وَأَنْ يَفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا النِّكَاحَ.
فَقَالَتْ الْيَهُودُ : مَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ، فَقَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَلَا نُخَالِفُ الْيَهُودَ فَنَطَأُ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ : فَقَامَا فَخَرَجَا عَنْهُ فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ ا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا، فَعَلِمَا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا.
} وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : كَانَ غَضَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ ؛ إمَّا كَرَاهِيَةٌ مِنْ كَثْرَةِ الْأَسْئِلَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ :﴿ ذَرُونِي مَا تَرَكَتْكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ﴾.
وَإِمَّا أَنْ


الصفحة التالية
Icon