الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ ﴾ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ هُوَ حَقٌّ لَهَا أَمْ هُوَ حَقٌّ عَلَيْهَا ؟ وَاللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّصْرِيحَ بِقَوْلِهِ ( عَلَيْهَا ) لَقَالَ : وَعَلَى الْوَالِدَاتِ إرْضَاعُ أَوْلَادِهِنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ ﴾ لَكِنَّ هُوَ عَلَيْهَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرُهَا، وَهُوَ عَلَيْهَا إذَا عُدِمَ الْأَبُ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ تَقُولُ لَك الْمَرْأَةُ : أَنْفِقْ عَلَيَّ وَإِلَّا طَلِّقْنِي، وَيَقُولُ لَك الْعَبْدُ : أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي، وَيَقُولُ لَك ابْنُك : أَنْفِقْ عَلَيَّ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي.
﴾ وَلِمَالِكٍ فِي الشَّرِيفَةِ رَأْيٌ خَصَّصَ بِهِ الْآيَةَ فَقَالَ : إنَّهَا لَا تُرْضِعُ إذَا كَانَتْ شَرِيفَةً.
وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُصْلِحَةِ الَّتِي مَهَّدْنَاهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : الْحَضَانَةُ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ لِلْأُمِّ وَالنُّصْرَةُ لِلْأَبِ، لِأَنَّ الْحَضَانَةَ مَعَ الرَّضَاعِ، وَمَسَائِلُ الْبَابِ تَأْتِي فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.