الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : الْبِكْرُ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحَمَّادٌ : لَا يُقْضَى بِالنَّفْيِ حَدًّا إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْحَاكِمُ [ تَعْزِيرًا ]، وَاحْتَجَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ وَلَمْ يَذْكُرْ تَغْرِيبًا، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ.
قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
جَوَابٌ ثَانٍ : قَدْ رَدَدْتُمْ الْبَيِّنَةَ بِخَبَرٍ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَاءِ وَالتُّرَابِ.
جَوَابٌ ثَالِثٌ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْجَلْدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّجْمَ، وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ.
جَوَابٌ رَابِعٌ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ الْإِحْصَانَ وَلَا الْحُرِّيَّةَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْآيَةِ بَيَانُ جِنْسِ الْحَدِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : الْمَرْأَةُ لَا تُغَرَّبُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ حِينَ تَعَلَّقُوا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَالْمَعْنَى يَخُصُّهُ ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَحْتَاجُ مِنْ الصِّيَانَةِ وَالْحِفْظِ وَالْقَصْرِ عَنْ الْخُرُوجِ وَالتَّبَرُّزِ اللَّذَيْنِ يَذْهَبَانِ بِالْعِفَّةِ إلَى مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّجُلُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : الْعَبْدُ لَا يُغَرَّبُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ حَيْثُ يَقُولُ بِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَيَخُصُّهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ ﴾.
فَكَرَّرَ ذِكْرَ الْجَلْدِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّغْرِيبَ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَرَّرَهُ أَوْ ذَكَرَهُ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَعْنَى يَخُصُّهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَغْرِيبِ الْحُرِّ إيذَاؤُهُ بِالْحَيْلُولَةِ لَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، وَالْإِهَانَةِ لَهُ ؛ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ.
الْمَسْأَلَةُ