وقوله: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين)، يقول: وإن النار لمطيفة بمن كفر بالله وجحد آياته وكذَّب رسله، محدقة بهم، جامعة لهم جميعًا يوم القيامة. (١)
يقول: فكفى للجدّ بن قيس وأشكاله من المنافقين بِصِلِيِّها خزيًا.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن يصبك سرورٌ بفتح الله عليك أرضَ الروم في غَزاتك هذه، (٢) يسؤ الجدَّ بن قيس ونظراءه وأشياعهم من المنافقين، وإن تصبك مصيبة بفلول جيشك فيها، (٣) يقول الجد ونظراؤه: (قد أخذنا أمرنا من قبل)، أي: قد أخذنا حذرَنا بتخلّفنا عن محمد، وترك أتباعه إلى عدوّه = (من قبل)، يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة = (ويتولوا وهم فرحون)، يقول: ويرتدُّوا عن محمد وهم فرحون بما أصاب محمدًا وأصحابه من المصيبة، (٤) بفلول أصحابه وانهزامهم عنه، (٥) وقتل من قُتِل منهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

(١) انظر تفسير " الإحاطة " فيما سلف ١٣: ٥٨١، تعليق: ٣، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الإصابة " فيما سلف: ١٣: ٤٧٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير "الحسنة" فيما سلف من فهارس اللغة (حسن).
(٣) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.
(٤) انظر تفسير "التولي" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
(٥) "الفلول"، مصدر "فل"، لازمًا، بمعنى: انهزم. وقد مر آنفًا في كلام الطبري أيضًا، ولم أجد له ذكرًا في كتب اللغة. انظر ما سلف ٧: ٣١٣، تعليق: ٣، وما قلته في تصحيح ذلك استظهارًا من قولهم: "من فل ذل"، أي: من انهزم وفر عن عدوه، ذل.


الصفحة التالية
Icon