الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، كَمَا حَرَّمَ نِكَاحَ الْأُخْتِ، وَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ الْوَطْءَ، فَهُوَ عَامٌّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ، وَقَدْ كَانَ تَوَقَّفَ فِيهَا مَنْ تَوَقَّفَ فِي أَوَّلِ وُقُوعِهَا، ثُمَّ اطَّرَدَ الْبَيَانُ عِنْدَهُمْ، وَاسْتَقَرَّ التَّحْرِيمُ ؛ وَهُوَ الْحَقُّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ﴾ تَعَلَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهِ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ، وَالْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، وَقَالَ : إنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ جَمْعًا فِي حِلٍّ فَهُوَ جَمْعٌ فِي حَبْسٍ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْفَرْجِ، وَهُوَ إذَا تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَقَدْ حَبَسَ الْمُتَزَوِّجَةَ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْحِلُّ وَالْوَطْءُ، وَقَدْ حَبَسَ أُخْتَهَا بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، وَهُوَ اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ لِحِفْظِ النَّسَبِ، فَحُرِّمَ ذَلِكَ بِالْعُمُومِ ؛ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ الطَّوِيلَةِ، وَقَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ فِيهَا هُنَالِكَ.
وَاَلَّذِي نَجْتَزِئُ بِهِ الْآنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ نَهَاهُ عَنْ أَنْ يَجْمَعَ ؛ وَهَذَا لَيْسَ بِجَمْعٍ مِنْهُ، لِأَنَّ النِّكَاحَ اكْتَسَبَهُ، وَالْعِدَّةُ أَلْزَمَتْهُ، فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي هَذَا الْجَمْعِ كَسْبٌ يَرْجِعُ النَّهْيُ بِالْخِطَابِ إلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى ﴿ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ لَيْسَ هَذَا مِنْ مِثْلِ [ قَوْلِهِ ] :﴿ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ فِي نِكَاحِ مَنْكُوحَاتِ الْآبَاءِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ بِشَرْعٍ ؛ وَإِنَّمَا كَانَتْ جَاهِلِيَّةٌ جُهَلَاءُ وَفَاحِشَةٌ شَائِعَةٌ ؛ وَنِكَاحُ الْأُخْتَيْنِ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلَنَا فَنَسَخَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِينَا.


الصفحة التالية
Icon