الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا ؛ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، وَعَلَيْهِنَّ أَلَّا يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَتَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ انْتَهَيْنَ فَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾.
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاشِزَ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، وَأَنَّ الْفَاحِشَةَ هِيَ الْبَذَاءُ لَيْسَ الزِّنَا كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ، فَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضَّرْبَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُبَرِّحًا، أَيْ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ عَلَى الْبَدَنِ يَعْنِي مِنْ جُرْحٍ أَوْ كَسْرٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : مِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْت فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ؛ قَالَ : يَعِظُهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا، فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا ضَرَبَهَا، فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا بَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، فَيَنْظُرَانِ مِمَّنْ الضَّرَرُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الْخُلْعُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَالَ عَطَاءٌ : لَا يَضْرِبُهَا وَإِنْ أَمَرَهَا وَنَهَاهَا فَلَمْ تُطِعْهُ، وَلَكِنْ يَغْضَبُ عَلَيْهَا.
قَالَ الْقَاضِي : هَذَا مِنْ فِقْهِ عَطَاءٍ، فَإِنَّهُ مِنْ فَهْمِهِ بِالشَّرِيعَةِ وَوُقُوفِهِ عَلَى مَظَانِّ الِاجْتِهَادِ عَلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالضَّرْبِ هَاهُنَا أَمْرُ إبَاحَةٍ، وَوَقَفَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ :﴿ إنِّي لَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ يَضْرِبُ أَمَتَهُ عِنْدَ غَضَبِهِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يُضَاجِعَهَا مِنْ يَوْمِهِ ﴾.
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ { أَنَّ رَسُولَ