الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ﴾ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ : هُمَا الْحَكَمَانِ إذَا أَرَادَا الْإِصْلَاحَ وَفَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُمَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِتَوْفِيقِهِ فَقَدْ صَلُحَ أَمْرُهُمَا وَأَمْرُ الزَّوْجَيْنِ، فَكُلُّ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ، وَالْأَصْلُ هِيَ النِّيَّةُ، فَإِذَا صَلُحَتْ صَلُحَتْ الْحَالُ كُلُّهَا، وَاسْتَقَامَتْ الْأَفْعَالُ وَقُبِلَتْ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : الْأَصْلُ فِي الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْأَهْلِ ؛ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَهْلَ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ الزَّوْجَيْنِ، وَأَقْرَبُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجَانِ إلَيْهِمَا ؛ فَأَحْكَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَمْرَ بِأَهْلِهِ.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَهْلٌ، أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَخْتَارُ حَكَمَيْنِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا كَيْفَمَا كَانَ عَدَمُ الْحَكَمَيْنِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَا جَارَيْنِ ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْحَكَمَيْنِ مَعْلُومٌ، وَاَلَّذِي فَاتَ بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِهِمَا يَسِيرٌ، فَيَكُونُ الْأَجْنَبِيُّ الْمُخْتَارُ قَائِمًا مَقَامَهُمَا، وَرُبَّمَا كَانَ أَوْفَى مِنْهُمَا.


الصفحة التالية
Icon