الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَمَانَاتِ ؛ فَقَالَ قَوْمٌ : هِيَ كُلُّ مَا أَخَذْتَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مَا أَخَذْتَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لِمَنْفَعَتِهِ.
الصَّحِيحُ أَنَّ كِلَيْهِمَا أَمَانَةٌ ؛ وَمَعْنَى الْأَمَانَةِ فِي الِاشْتِقَاقِ أَنَّهَا أُمِنَتْ مِنْ الْإِفْسَادِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى : بِأَدَائِهَا إلَى أَرْبَابِهَا، وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا أَمْرُ السَّرَايَا ؛ قَالَهُ عَلِيٌّ وَمَكْحُولٌ.
وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي ﴿ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ الْمِفْتَاحَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَدَخَلَ الْكَعْبَةَ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْلُوهَا، فَدَعَا عُثْمَانُ، فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمِفْتَاحَ ﴾، فَكَانَتْ وِلَايَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَنَاهِيكَ بِهَذَا فَخْرًا.
وَرُوِيَ أَنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ تُجْمَعَ لَهُ السَّدَانَةُ وَالسِّقَايَةُ، وَنَازَعَهُ فِي ذَلِكَ شَيْبَةُ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ.


الصفحة التالية
Icon