الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَيْدِيَكُمْ ﴾ : الْيَدُ : عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالظُّفْرِ، وَهِيَ ذَاتُ أَجْزَاءٍ وَأَسْمَاءٍ ؛ مِنْهَا الْمَنْكِبُ، وَمِنْهَا الْكَفُّ، وَالْأَصَابِعُ، وَهُوَ مَحَلُّ الْبَطْشِ وَالتَّصَرُّفِ الْعَامِّ فِي الْمَنَافِعِ، وَهُوَ مَعْنَى الْيَدِ، وَغَسْلُهُمَا فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ : إحْدَاهُمَا عِنْدَ أَوَّلِ مُحَاوَلَةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ سُنَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ فَرْضٌ.
وَمَعْنَى غَسْلِهِمَا عِنْدَ الْوُضُوءِ تَنْظِيفُ الْيَدَيْنِ لِإِدْخَالِهَا [ فِي ] الْإِنَاءِ وَمُحَاوَلَةُ نَقْلِ الْمَاءِ بِهِمَا، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ مِنْ النَّوْمِ، فَقَدْ رَوَى جَمِيعُ الْأَئِمَّةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ ﴾.
وَرَوَى عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ صِفَةَ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّهُمْ ذَكَرُوا ﴿ أَنَّهُ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ﴾، حَتَّى بَلَغَ مَكَانَهُمَا مِنْ عُلَمَائِنَا أَنْ جَعَلُوهُمَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ.
فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : إذَا غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثُمَّ تَمَادَى فِي الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ غَسْلَ يَدَيْهِ كَمَا يُعِيدُ مَا سَبَقَ مِنْ الْوُضُوءِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَى الْمَرَافِقِ ﴾ : فَذَكَرَهَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ إدْخَالِهِمَا فِي الْغَسْلِ.
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ : الْأَوَّلُ : أَنَّ ﴿ إلَى ﴾ بِمَعْنَى مَعَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ ﴾ مَعْنَاهُ مَعَ أَمْوَالِكُمْ.
الثَّانِي : أَنَّ ﴿ إلَى ﴾ حَدٌّ، وَالْحَدُّ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَحْدُودِ دَخَلَ فِيهِ، تَقُولُ : بِعْتُك