الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ﴾ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ : هُوَ الْكُفْرُ.
وَقِيلَ : هُوَ إخَافَةُ السَّبِيلِ.
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَصْلُ " فَسَدَ " فِي لِسَان الْعَرَبِ تَعَذُّرُ الْمَقْصُودِ وَزَوَالُ الْمَنْفَعَةِ ؛ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ كَانَ أَبْلَغَ، وَالْمَعْنَى ثَابِتٌ بِدُونِهِ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ أَيْ لَعَدِمَتَا، وَذَهَبَ الْمَقْصُودُ.
وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ :﴿ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ وَهُوَ الشِّرْكُ أَوْ الْإِذَايَةُ لِلْخَلْقِ، وَالْإِذَايَةُ أَعْظَمُ مِنْ سَدِّ السَّبِيلِ، وَمَنْعِ الطَّرِيقِ.
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ الْمُطْلَقُ مَا يُزَيِّفُ مَقْصُودَ الْمُفْسِدِ، أَوْ يَضُرُّهُ، أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ.
وَالْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ هُوَ الْإِذَايَةُ لِلْغَيْرِ.
وَالْإِذَايَةُ لِلْغَيْرِ عَلَى قِسْمَيْنِ : خَاصٌّ، وَعَامٌ ؛ وَلِكُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا جَزَاؤُهُ الْوَاقِعُ وَحْدَهُ الرَّادِعُ، حَسْبَمَا عَيَّنَهُ الشَّرْعُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعُمُومِ فَجَزَاؤُهُ مَا فِي الْآيَةِ بَعْدَ هَذِهِ مِنْ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ.


الصفحة التالية
Icon