الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : إذَا دَفَعَهَا إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : تُجْزِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَتَعَلَّقَ بِالْآيَةِ وَهِيَ عَكْسُ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ الْعُمُومَ مَعَهُمْ، وَنَحْنُ نَفْتَقِرُ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالْقِيَاسِ، وَمَعَنَا نَحْنُ ظَاهِرُ الْعَدَدِ وَذِكْرُهُ وَهُمْ يُحَاوِلُونَ إسْقَاطَهُ بِالْمَعْنَى.
وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ :﴿ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ﴾.
فَذَكَرَ الْإِطْعَامَ وَالْمَطْعُومَ فَتَعَيَّنَا.
فَإِنْ قِيلَ : أَرَادَ فَعَلَيْهِ إطْعَامُ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا.
قُلْنَا : الْإِطْعَامُ مَصْدَرٌ، وَالْمَصْدَرُ مُقَدَّرٌ مَعَ الْفِعْلِ، كَمَا سَبَقَ فِي التَّحْرِيرِ وَالصِّيَامِ، وَكَذَلِكَ هُنَا، وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : فَعَلَيْهِ إطْعَامُ طَعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، كَلَامُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِاللِّسَانِ ؛ فَإِنَّ الْإِطْعَامَ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ، وَلَا يَنْتَظِمُ مِنْهُمَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، بِخِلَافِ مَفْعُولَيْ ظَنَنْت، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ فِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ فِي مَفْعُولَيْ ظَنَنْت أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَصْلًا، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَحَدِهِمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَهُوَ مُضْمَرٌ ؛ فَأَمَّا أَنْ يُقَدِّرَ مَا أَضْمَرَ وَيُسْقِطَ مَا صَرَّحَ فَكَلَامٌ غَبِيٌّ.


الصفحة التالية
Icon