الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ :" اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْعَقْلَ وَالْمَالَ " فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ :﴿ يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ ﴾.
فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ :" اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا " فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ ؛ فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ :" اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا " فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ مُنْتَهُونَ ﴾ ؛ فَدُعِيَ عُمَرُ، فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ :" انْتَهَيْنَا.
انْتَهَيْنَا ".
وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مُلَاحَاةٍ جَرَتْ بَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ.
وَهُمَا عَلَى شَرَابٍ لَهُمَا، وَقَدْ انْتَشَيَا، فَتَفَاخَرَتْ الْأَنْصَارُ وَقُرَيْشٌ، فَأَخَذَ الْأَنْصَارِيُّ لَحْيَيْ جَمَلٍ فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَفَزَرَهُ، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ.
وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ، رَوَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَهَذَا لَيْسَ بِمُتَعَارِضٍ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَ سَعْدٍ وَبَيْنِ عِتْبَانَ مَا يُوجِبُ نُزُولَ الْآيَةِ كَمَا رَوَى الطَّبَرِيُّ، فَيُدْعَى عُمَرُ فَتُقْرَأُ عَلَيْهِ، كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ.