الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِلسَّيَّارَةِ ﴾ : فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ " أَبِي عُبَيْدَةَ : إنَّهُمْ أَكَلُوهُ وَهُمْ مُسَافِرُونَ، وَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُقِيمٌ " فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ حَلَالٌ لِمَنْ أَقَامَ، كَمَا أَحَلَّهُ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِمَنْ سَافَرَ.
الثَّانِي : إنَّ السَّيَّارَةَ هُمْ الَّذِينَ يَرْكَبُونَهُ كَمَا ثَبَتَ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ :﴿ أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ الْعَرَكِيُّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَمَعَنَا الْقَلِيلُ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ لَهُ بِمَاءِ الْبَحْرِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ﴾.
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَلَوْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" نَعَمْ " لَمَا جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ إلَّا عِنْدَ خَوْفِ الْعَطَشِ لِأَنَّ الْجَوَابَ مُرْتَبِطٌ بِالسُّؤَالِ.
وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَأَ بِتَأْسِيسِ الْحُكْمِ وَبَيَانِ الشَّرْعِ ؛ فَقَالَ :﴿ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ﴾.
فَزَادَ فِي جَوَابِ السَّائِلِ جَوَابَيْنِ : أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ :﴿ هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ ﴾ ابْتِدَاءً.
الثَّانِي :﴿ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ﴾.


الصفحة التالية
Icon