الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنْ الْغَافِلِينَ تَحْرِيمَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ حَتَّى تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ جَهْلٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ صَرَّحَتْ بِأَنَّ السُّؤَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ فِيمَا تَقَعُ الْمَسَاءَةُ فِي جَوَابِهِ، وَلَا مَسَاءَةَ فِي جَوَابِ نَوَازِلِ الْوَقْتِ، وَقَدْ كَانَ مَنْ سَلَفَ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ يَكْرَهُهَا أَيْضًا، وَيَقُولُ فِيمَا يَسْأَلُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ : دَعُوهُ دَعُوهُ حَتَّى يَقَعَ، يُرِيدُ : فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَئِذٍ يُعِينُ عَلَى جَوَابِهِ، وَيَفْتَحُ إلَى الصَّوَابِ مَا اسْتَبْهَمَ مِنْ بَابِهِ ؛ وَتَعَاطِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ غُلُوٌّ فِي الْقَصْدِ، وَسَرَفٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِ ؛ وَقَدْ وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَبِيعَةِ الرَّأْيِ وَهُوَ يُفَرِّعُ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ : مَا الْعِيُّ عِنْدَنَا إلَّا مَا هَذَا فِيهِ مُنْذُ الْيَوْمِ.
وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِبَسْطِ الْأَدِلَّةِ، وَإِيضَاحِ سُبُلِ النَّظَرِ، وَتَحْصِيلِ مُقَدَّمَاتِ الِاجْتِهَادِ، وَإِعْدَادِ الْآلَةِ الْمُعِينَةِ عَلَى الِاسْتِمْدَادِ ؛ فَإِذَا عَرَضَتْ النَّازِلَةُ أَتَيْت مِنْ بَابِهَا، وَنُشِدَتْ فِي مَظَانِّهَا، وَاَللَّهُ يَفْتَحُ فِي صَوَابِهَا.


الصفحة التالية
Icon