الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ : فِي تَقْدِيرِ الْآيَةِ : وَهُوَ :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ، وَحَضَرَكُمْ الْمَرَضُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمَوْتِ، وَأَرَدْتُمْ الْوَصِيَّةَ فَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ مِنْ قَرَابَتِكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ فَإِنْ خَافَا فَاحْبِسُوهُمَا عَلَى الْيَمِينِ إنْ عَدِمْتُمْ الْبَيِّنَةَ.
فَإِنْ تَبَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَانَتُهُمْ حَلَفَ مِمَّنْ حَلَفُوا لَهُ وَهُوَ أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ مَا يَجِبُ بِالْيَمِينِ ".
وَعَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ يَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ :" فَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَأَشْهِدُوا الْكُفَّارَ " فَإِنْ أَدَّيَا مَا أُحْضِرَا لَهُ أَوْ ائْتُمِنَا عَلَيْهِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ أَدْرَكَتْهُمْ تُهْمَةٌ أَوْ تَبَيَّنَتْ عَلَيْهِمْ خِيَانَةٌ، حَلَفُوا.
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَإِنَّمَا قَبِلْنَا نَحْنُ شَهَادَةَ الْعَدْلِ فِي الْوَصِيَّةِ بِدَلِيلٍ آخَرَ غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ إذَا عُدِمَ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا، فَكُلُّ شَيْءٍ يَعْتَرِضُكُمْ مِنْ الْإِشْكَالِ عَلَى دَلِيلِنَا وَتَقْدِيرِنَا الَّذِي قَدَّرْنَاهُ آنِفًا، فَانْظُرُوهُ فِي مَوْضِعِهِ هَاهُنَا تَجِدُوهُ مُبَيَّنًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.