يقول: لا يأتونها إلا متثاقلين بها. (١) لأنهم لا يرجون بأدائها ثوابًا، ولا يخافون بتركها عقابًا، وإنما يقيمونها مخافةً على أنفسهم بتركها من المؤمنين، فإذا أمنوهم لم يقيموها = (ولا ينفقون)، يقول: ولا ينفقون من أموالهم شيئًا = (إلا وهم كارهون)، أن ينفقونه في الوجه الذي ينفقونه فيه، مما فيه تقوية للإسلام وأهله. (٢)
* * *

(١) انظر تفسير "كسالى" فيما سلف ٩: ٣٣٠، ٣٣١.
(٢) انظر تفسير "الكره" فيما سلف ص: ٢٩٣. تعليق: ١ والمراجع هناك.

القول في تأويل قوله: ﴿فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: معناه: فلا تعجبك، يا محمد، أموال هؤلاء المنافقين ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وقال: معنى ذلك التقديمُ، وهو مؤخر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٨٠٤- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم)، قال: هذه من تقاديم الكلام، (١)
(١) هذه أول مرّة أجد استعمال "تقاديم" جمعًا في هذا التفسير. وهي جمع "تقديم" كأمثاله من قولهم "التكاذيب"، "والتكاليف"، و "التحاسين"، و "التقاصيب"، وما أشبهها.
وكان في المخطوطة: "هذه من تقاديم الله، ليعذبهم بها في الآخرة"، ولكن ناشر المطبوعة نقل هذا النص الثابت في المطبوعة، من الدر المنثور ٣: ٢٤٩، وكأنه الصواب، إن شاء الله، ولذلك تركته على حاله.
وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤٢.


الصفحة التالية
Icon