الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رُوِيَ أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ أُنَاسٌ مِنْ خَلْفِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ :{ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ ﴾ ؛ فَسَكَتَ النَّاسُ خَلْفَهُ، وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ.
} الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : رَوَى الْأَئِمَّةُ : مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جُهِرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ : هَلْ قَرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعِي آنِفًا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ، نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ : إنِّي أَقُولُ : مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِالْقِرَاءَةِ، حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ :﴿ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، فَقَالَ : وَأَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : قَدْ عَلِمْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا ﴾
.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ :﴿ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إنِّي لَا أَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إمَامِكُمْ.
قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إي وَاَللَّهِ.
قَالَ : فَلَا تَفْعَلُوا إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا ﴾
.
وَقَدْ رَوَى النَّاسُ فِي قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً، أَعْظَمُهُمْ فِي ذَلِكَ اهْتِبَالًا


الصفحة التالية