سُورَةُ التَّوْبَةِ.
فِيهَا إحْدَى وَخَمْسُونَ آيَةً [ تَسْمِيَتُهَا ] : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَلِذَلِكَ قَلَّ فِيهَا الْمَنْسُوخُ، وَلَهَا سِتَّةُ أَسْمَاءً : التَّوْبَةُ، وَالْمُبَعْثِرَةُ، وَالْمُقَشْقِشَةُ، وَالْفَاضِحَةُ وَسُورَةُ الْبُحُوثِ، وَسُورَةُ الْعَذَابِ.
فَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا بِسُورَةِ التَّوْبَةِ فَلِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِيهَا تَوْبَةَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا بِتَبُوكَ.
فَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا بِالْفَاضِحَةِ فَلِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا : وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ.
قَالَتْ الصَّحَابَةُ : حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا لَا تُبْقِي أَحَدًا.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا الْمُبَعْثِرَةُ فَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى، يُقَالُ : بَعْثَرْت الْمَتَاعَ : إذَا جَعَلْت أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَقَلَبْت جَمِيعَهُ وَقَلَّبْتَهُ، وَمِنْهُ :﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ﴾.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا الْمُقَشْقِشَةُ فَمِنْ الْجَمْعِ، فَإِنَّهَا جَمَعَتْ أَوْصَافَ الْمُنَافِقِينَ، وَكَشَفَتْ أَسْرَارَ الدِّينِ.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا سُورَةَ الْبُحُوثِ فَمِنْ بَحَثَ : إذَا اخْتَبَرَ وَاسْتَقْصَى، وَذَلِكَ لِمَا تَضَمَّنَتْ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ وَالْبَحْثِ عَنْ أَسْرَارِهِمْ.
وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا سُورَةَ الْعَذَابِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَا كَانُوا يَدْعُونَ سُورَةَ التَّوْبَةِ إلَّا الْمُبَعْثِرَةَ، فَإِنَّهَا تُبَعْثِرُ أَخْبَارَ الْمُنَافِقِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : مَا كُنَّا نَدْعُوهَا إلَّا الْمُقَشْقِشَةَ.
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ : مَثَلُ بَرَاءَةَ كَمَثَلِ الْمِرْوَدِ مَا يُدْرَى أَسْفَلُهُ مِنْ أَعْلَاهُ.