الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْإِنْسَاءَ كَانَ عِنْدَ الْعَرَبِ زِيَادَةً وَتَأْخِيرًا وَتَبْدِيلًا، وَأَقَلُّهُ صِحَّةً الزِّيَادَةُ، لِقَوْلِهِ :﴿ لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ فَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْإِنْسَاءِ مَا كَانَ تَبْدِيلًا [ أَوْ تَأْخِيرًا ]، وَأَقَلُّهُ الزِّيَادَةُ.
وَالْمُوَاطَأَةُ هِيَ الْمُوَافَقَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ : وَاطَأْتُك عَلَى الْأَمْرِ، أَيْ وَافَقْتُك عَلَيْهِ، فَكَانُوا يَحْفَظُونَ عِدَّةَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي هِيَ أَرْبَعَةٌ، لَكِنَّهُمْ يُبَدِّلُونَ وَيُؤَخِّرُونَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْمُوَاطَأَةَ عَلَى الْعِدَّةِ تَكْفِي، وَإِنْ خَالَفَتْ فِي أَعْيَانِ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَاتِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَاءُ عِنْدَهُمْ بِالثَّلَاثَةِ الْأَوْجُهِ، فَذَكَرَ اللَّهُ مِنْهَا الْوَجْهَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ، وَعِظَمَ التَّبْدِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْمُوَافَقَةُ فِي الْعَدَدِ، فَكَانَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي وَجْهٍ أَزْيَدُ فِي الْكُفْرِ، وَأَعْظَمُ فِي الْإِثْمِ.


الصفحة التالية
Icon