الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الطَّائِفَةُ : فِي اللُّغَةِ : الْجَمَاعَةُ.
قِيلَ : وَيَنْطَلِقُ عَلَى الْوَاحِدِ عَلَى مَعْنَى نَفْسِ طَائِفَةٍ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، فَإِنَّ الْهَاءَ فِي مِثْلِ هَذَا إنَّمَا هِيَ لِلْكَثْرَةِ، كَمَا يُقَالُ رَاوِيَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي بِغَيْرِهِ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا جَمَاعَةٌ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : عَقْلًا وَالْآخَرُ لُغَةً : أَمَّا الْعَقْلُ : فَلِأَنَّ تَحْصِيلَ الْعِلْمِ لَا يَتَحَصَّلُ بِوَاحِدٍ فِي الْغَالِبِ.
وَأَمَّا اللُّغَةُ : فَلِقَوْلِهِ :﴿ لِيَتَفَقَّهُوا ﴾ ﴿ وَلِيُنْذِرُوا ﴾ ؛ فَجَاءَ بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ.
وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ قَبْلَهُ، يَرَوْنَ أَنَّ الطَّائِفَةَ هَاهُنَا وَاحِدٌ.
وَيَعْتَضِدُونَ فِيهِ بِالدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَهُوَ صَحِيحٌ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الطَّائِفَةَ تَنْطَلِقُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَلَكِنْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ خَبَرَ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ أَوْ الْأَشْخَاصِ خَبَرٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّ مُقَابِلَهُ وَهُوَ التَّوَاتُرُ لَا يَنْحَصِرُ بِعَدَدٍ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَهَذِهِ إشَارَتُهُ.


الصفحة التالية
Icon