الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا قَبْلُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَقَدْ كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيمَا يُؤْثَرُ عَنْهُ يَقُولُ : فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَيَحْتَجُّ بِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ ﴾.
وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا يَثْبُتُ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَلَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ، وَإِذَا وَقَعَ أَدَاءُ الزَّكَاةِ وَنَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حَاجَةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَالِ إلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : يَجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِدَاءُ أَسَرَاهُمْ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ أَمْوَالَهُمْ، وَكَذَا إذَا مَنَعَ الْوَالِي الزَّكَاةَ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ إغْنَاءُ الْفُقَرَاءِ ؟ مَسْأَلَةٌ فِيهَا نَظَرٌ، أَصَحُّهَا عِنْدِي وُجُوبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.


الصفحة التالية
Icon