الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِيَسْتَخْلِفُنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾.
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَا إلَيْهِ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ الْعَدُوِّ، وَتَضْيِيقِهِ عَلَيْهِمْ، وَشِدَّةِ الْخَوْفِ، وَمَا يَلْقَوْنَ مِنْ الْأَذَى، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ لَهُمْ، فَأَنْجَزَهُ اللَّهُ، وَمَلَّكَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ، وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ.
وَرَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ قَالَ :﴿ مَكَثَ النَّبِيُّ عَشْرَ سِنِينَ خَائِفًا يَدْعُو اللَّهَ سِرًّا وَجَهْرًا، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا وَأَصْحَابُهُ خَائِفِينَ يُصْبِحُونَ فِي السِّلَاحِ وَيُمْسُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ : مَا يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ، وَنَضَعُ عَنَّا السِّلَاحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا لَا تَعْبُرُونَ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ مِنْ الْمَلَأِ الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَ بِيَدِهِ حَدِيدَةٌ ﴾، وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ مَالِكٌ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ إلَى آخِرِهَا.


الصفحة التالية
Icon