الْآيَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاَللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَوْلُهُ :﴿ الْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ ﴾ : جَمْعُ قَاعِدٍ بِغَيْرِ هَاءٍ فَرْقًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَاعِدَةِ مِنْ الْجُلُوسِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ.
وَهُنَّ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنْ الْحَيْضِ وَعَنْ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ فِيهِنَّ رَغْبَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ الْقَلْبُ فِي نِكَاحٍ، وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ بِخِلَافِ الشَّبَابِ مِنْهُنَّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ :﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾ فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : جِلْبَابَهُنَّ ؛ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَعْنِي بِهِ الرِّدَاءَ أَوْ الْمِقْنَعَةَ الَّتِي فَوْقَ الْخِمَارِ تَضَعُهُ عَنْهَا إذَا سَتَرَهَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الثِّيَابِ.
وَالثَّانِي : تَضَعُ خِمَارَهَا، وَذَلِكَ فِي بَيْتِهَا، وَمِنْ وَرَاءِ سِتْرِهَا مِنْ ثَوْبِ أَوْ جِدَارٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ : غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ يَعْنِي وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : غَيْرُ مُظْهِرَاتٍ لِمَا يُتَطَلَّعُ إلَيْهِ مِنْهُنَّ، وَلَا مُتَعَرِّضَاتٍ بِالتَّزْيِينِ لِلنَّظَرِ إلَيْهِنَّ، وَإِنْ كُنَّ لَيْسَ بِمَحَلِّ ذَلِكَ مِنْهُنَّ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْقَوَاعِدَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِنَّ لِانْصِرَافِ النُّفُوسِ عَنْهُنَّ، وَلَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ بِالتَّسَتُّرِ الْكَامِلِ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ لَهُنَّ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon