الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : لَمْ يُنْقَلْ مَا كَانَتْ أُجْرَةُ مُوسَى، وَلَكِنْ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ أَنَّ صَالِحَ مَدْيَنَ جَعَلَ لِمُوسَى كُلَّ سَخْلَةٍ تُوضَعُ خِلَافَ لَوْنِ أُمِّهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى مُوسَى : أَلْقِ عَصَاك بَيْنَهُنَّ يَلِدْنَ خِلَافَ شَبَهِهِنَّ كُلِّهِنَّ.
وَاَلَّذِي رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ السُّلَمِيُّ وَهُوَ عُتْبَةُ بْنُ عُبَيْدٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْأَجَلَيْنِ أَوْفَى مُوسَى ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْفَاهُمَا وَأَبَرُّهُمَا ﴾.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ مُوسَى لَمَّا أَرَادَ فِرَاقَ شُعَيْبٍ أَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ أَبَاهَا عَنْ نِتَاجِ غَنَمِهِ مَا يَعِيشُونَ بِهِ.
".
فَأَعْطَاهَا مَا وَلَدَتْ غَنَمُهُ مِنْ قَالِبِ لَوْنِ ذَلِكَ الْعَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا وَرَدَتْ الْحَوْضَ وَقَفَ مُوسَى بِإِزَاءِ الْحَوْضِ فَلَمْ تَمُرَّ بِهِ شَاةٌ إلَّا ضَرَبَ جَنْبَهَا بِعَصَا، فَوَضَعَتْ قَوَالِبَ أَلْوَانٍ كُلِّهَا اثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ، كُلُّ شَاةٍ لَيْسَ مِنْهُنَّ فَشُوشٌ وَلَا ضَبُوبٌ وَلَا كَمِيشَةٌ وَلَا ثَعُولٌ ".
الْفَشُوشُ : الَّتِي إذَا مَشَتْ سَالَ لَبَنُهَا.
وَالضَّبُوبُ الَّتِي ضَرْعُهَا مِثْلُ الْمَوْزَتَيْنِ.
وَالْكَمِيشَةُ : الصَّغِيرَةُ الضَّرْعِ الَّتِي لَا يَضْبِطُهَا الْحَالِبُ.
وَالْقَالِبُ لَوْنُ صِنْفٍ وَاحِدٌ كُلُّهُ.
وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَكَانَ فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : إحْدَاهُمَا : الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : وَهِيَ الْوَحْيُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ بِالْإِلْهَامِ، أَوْ بِأَنْ يُكَلِّمَهُ الْمَلَكُ كَهَيْئَةِ الرَّجُلِ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ هَدَاهُ فِي طَرِيقِهِ لِمَدْيَنَ حِينَ ضَلَّ وَخَافَ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ نَبِيًّا، فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُكَلِّمُهُ الْمَلَكُ وَيُخْبِرُهُ بِأَمْرٍ مُشْكِلٍ يَكُونُ نَبِيًّا وَقَدْ وَرَدَتْ بِذَلِكَ أَخْبَارٌ