الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقُنُوتَ يَرِدُ عَلَى مَعَانٍ، أُمَّهَاتُهَا أَرْبَعٌ : الْأَوَّلُ : الطَّاعَةُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي : الْقِيَامُ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَرَأَ :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا ﴾ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ ﴾.
الثَّالِثُ : إنَّهُ السُّكُوتُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
وَفِي الصَّحِيحِ قَالَ زَيْدٌ :" كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ :﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ ".
الرَّابِعُ : أَنَّ الْقُنُوتَ الْخُشُوعُ.
وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا مُرَادًا ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَافُرَ فِيهِ إلَّا الْقِيَامُ، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ : وَقُومُوا لِلَّهِ قَائِمِينَ، إلَّا عَلَى تَكَلُّفٍ.
وَقَدْ صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ الصُّبْحَ وَقَنَتَ فِيهَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ : هَذِهِ هِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى، وَقَرَأَ الْآيَةَ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ قَانِتِينَ ﴾ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ؛ لِأَنَّهَا نَصٌّ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مُحْتَمَلٍ سِوَاهَا.