الْآيَةُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ قَوْله تَعَالَى :﴿ مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى إذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : وَذَلِكَ أَنَّ ﴿ قُرَيْشًا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قَالَ : سَأَلَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْت : فِي الْكَفَّارَاتِ وَالدَّرَجَاتِ.
قَالَ : وَمَا الْكَفَّارَاتُ ؟ قُلْت : الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَالتَّعْقِيبُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَالَ : وَمَا الدَّرَجَاتُ ؟ قُلْت : إفْشَاءُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَقِيلَ : خُصُومَتُهُمْ قَوْلُهُمْ :{ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِك وَنُقَدِّسُ لَك قَالَ إنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ } هَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ ؛ وَهُوَ حَسَنٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ رَأَيْت رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْت بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْت مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ :{ وَكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.
فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْت : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ : فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى ؟ قُلْت : أَيْ رَبِّ فِي الْكَفَّارَاتِ.
قَالَ : وَمَا الْكَفَّارَاتُ ؟ قُلْت : الْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ إلَى الصَّلَاةِ، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ }.
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ صَحِيحًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ :{