سُورَةُ الْأَحْقَافِ [ فِيهَا ثَلَاثُ آيَاتٍ ] الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي مَسَاقِ الْآيَةِ، وَهِيَ أَشْرَفُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا اسْتَوْفَتْ أَدِلَّةَ الشَّرْعِ عَقْلِيَّهَا وَسَمْعِيَّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ ﴾ فَهَذِهِ بَيَانٌ لِأَدِلَّةِ الْعَقْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّوْحِيدِ، وَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَانْفِرَادِ الْبَارِّي سُبْحَانَهُ بِالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْوُجُودِ وَالْخَلْقِ، ثُمَّ قَالَ :﴿ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا ﴾ عَلَى مَا تَقُولُونَ، وَهَذِهِ بَيَانٌ لِأَدِلَّةِ السَّمْعِ فَإِنَّ مُدْرِكَ الْحَقِّ إنَّمَا يَكُونُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ أَوْ بِدَلِيلِ الشَّرْعِ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ مَرَاتِبِ الْأَدِلَّةِ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالَ :﴿ أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ﴾ يَعْنِي أَوْ عِلْمٍ يُؤْثَرُ، أَوْ يُرْوَى وَيُنْقَلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا ؛ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْحِفْظِ مِثْلُ الْمَنْقُولِ عَنْ الْكُتُبِ.


الصفحة التالية
Icon