سُورَة النَّبَأِ [ فِيهَا آيَتَانِ ] الْآيَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ﴾ امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ بِأَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ غَيْبًا يُغَطِّي بِسَوَادِهِ كَمَا يُغَطِّي الثَّوْبُ لَابِسَهُ، وَيَسْتُرُ كُلَّ شَيْءٍ كَمَا يَسْتُرُهُ الْحِجَابُ.
قَالَهُ أَبُو جَعْفَرٍ ؛ فَظَنَّ بَعْضُ الْغَافِلِينَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا صَلَّى عُرْيَانًا لَيْلًا فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ ؛ لِأَنَّ الظَّلَامَ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ ؛ وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا ؛ فَإِنَّ النَّاسَ بَيْنَ قَائِلَيْنِ : مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ إسْلَامِيٌّ لَا يَخْتَصُّ وُجُوبُهُ بِالصَّلَاةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَكِلَاهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لِلصَّلَاةِ فِي الظُّلْمَةِ كَمَا هُوَ فِي النُّورِ، إثْبَاتًا بِإِثْبَاتٍ، وَنَفْيًا بِنَفْيٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يَجِبُ فِي النُّورِ وَيَسْقُطُ فِي الظُّلْمَةِ اجْتِزَاءً بِسَتْرِهَا عَنْ سَتْرِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ الْمُصَلِّي فَلَا وَجْهَ لِهَذَا بِحَالٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.