سُورَةُ الِانْشِقَاقِ فِيهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ﴾ فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الشَّفَقِ : قَالَ أَشْهَبُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَغَيْرُهُمْ، وَكَثِيرٌ عَدَدُهُمْ، عَنْ مَالِكٍ : الشَّفَقُ : الْحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَغْرِبِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ الْحُمْرَةُ فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ، وَوَجَبَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ : الشَّفَقُ : الْحُمْرَةُ فِيمَا يَقُولُونَ، وَلَا أَدْرَى حَقِيقَةَ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي أَرَى الشَّفَقَ الْحُمْرَةَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّهُ لَيَقَعُ فِي قَلْبِي.
وَمَا هُوَ إلَّا شَيْءٌ فَكَّرْت فِيهِ مُنْذُ قَرِيبٍ : أَنَّ الْبَيَاضَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ حُمْرَةِ الشَّفَقِ أَنَّهُ مِثْلُ الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَكَمَا لَا يُمْنَعُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا مَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ، فَلَا أَدْرِي هَذَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَتَادَةُ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاذٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ التَّابِعِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْبَيَاضُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ اللُّغَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَاعْتَضَدَ بَعْضُهُمْ بِالِاشْتِقَاقِ وَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرِّقَّةِ، وَاَلَّذِي يُعَضِّدُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ ﴿ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَسْقُطْ نُورُ الشَّفَقِ ﴾، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى حَالَيْنِ : كَثِيرٍ وَقَلِيلٍ، وَهُوَ الَّذِي تَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ مِنْ جِهَةِ اشْتِقَاقِهِ، وَاخْتِلَافِ إطْلَاقِهِ، ثُمَّ فَكَّرَ فِيهِ مُنْذُ قَرِيبٍ، وَذَكَرَ كَلَامًا مُجْمَلًا، تَحْقِيقُهُ أَنَّ الطَّوَالِعَ أَرْبَعَةٌ : الْفَجْرُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي، وَالْحُمْرَةُ، وَالشَّمْسُ.
وَكَذَلِكَ الْغَوَارِبُ أَرْبَعَةٌ :


الصفحة التالية
Icon