فَصْلٌ فِي تَثْبِيتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ الْكِتَابِ ( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَفِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إلَى قَوْمِهِ ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلَى قَوْمِهِ ﴾ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَأَوْحَيْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾.
وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأَقَامَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) حُجَّتَهُ عَلَى خَلْقِهِ فِي أَنْبِيَائِهِ بِالْأَعْلَامِ الَّتِي بَايَنُوا بِهَا خَلْقَهُ سِوَاهُمْ، وَكَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَاهَدَ أُمُورَ الْأَنْبِيَاءِ دَلَائِلُهُمْ الَّتِي بَايَنُوا بِهَا غَيْرَهُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَكَانَ الْوَاحِدُ فِي ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مِنْهُ سَوَاءً تَقُومُ الْحُجَّةُ بِالْوَاحِدِ مِنْهُمْ قِيَامَهَا بِالْأَكْثَرِ.
قَالَ تَعَالَى :﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إنَّا إلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴾.
قَالَ : فَظَاهِرُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِاثْنَيْنِ، ثُمَّ ثَالِثٍ وَكَذَا أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى الْأُمَمِ بِوَاحِدٍ، وَلَيْسَ الزِّيَادَةُ فِي التَّأْكِيدِ مَانِعَةً مِنْ أَنْ تَقُومَ الْحُجَّةُ بِالْوَاحِدِ إذَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يُبَايِنُ بِهِ الْخَلْقَ


الصفحة التالية
Icon