فصل في قدر المعجز من القرآن
الذى ذهب إليه عامة أصحابنا - وهو قول [ الشيخ ] (١) أبى الحسن الاشعري في كتبه - أن أقل ما يعجز عنه من القرآن السورة، قصيرة كانت أو طويلة، أو ما كان بقدرها.
قال: فإذا كانت الآية بقدر حروف سورة (٢)، وإن كانت سورة الكوثر، فذلك معجز.
قال: ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر.
وذهبت (٣) " المعتزلة " إلى أن كل سورة برأسها فهى معجزة.
وقد حكى عنهم نحو قولنا، إلا أن منهم من لم يشترط كون الآية بقدر السورة، بل شرط الآيات الكثيرة.
وقد علمنا أنه تحداهم تحديا إلى السور كلها، ولم يخص، ولم يأتوا لشئ منها بمثل، فعلم أن جميع ذلك معجز.
وأما قوله عز وجل: (فليأتوا بحديث مثله) (٤) فليس بمخالف / لهذا، لان الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة.
وهذا يؤكد ما ذهب إليه أصحابنا ويؤيده، وإن كان قد يتأول قوله: (فليأتوا بحديث مثله) على أن يكون راجعا إلى القبيل دون التفصيل.
وكذلك يحمل قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) (٥) على القبيل، لانه لم يجعل الحجة عليهم عجزهم عن الاتيان بجميعه من أوله إلى آخره.
فإن قيل: هل تعرفون إعجاز السور القصار بما تعرفون إعجاز السور الطوال ؟
(٥) سورة الاسراء: ٨٨ (*)