القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا مَا أُنزلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وإذا ما أنزلت سورة)، من القرآن، فيها عيبُ هؤلاء المنافقين الذين وصفَ جل ثناؤه صفتهم في هذه السورة، وهم عند رسول الله ﷺ = (نظر بعضهم إلى بعض)، فتناظروا = (هل يراكم من أحد)، إن تكلمتم أو تناجيتم بمعايب القوم يخبرهم به، ثم قاموا فانصرفوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يستمعوا قراءة السورة التي فيها معايبهم. ثم ابتدأ جل ثناؤه قوله: (صرف الله قلوبهم)، فقال: صرف الله عن الخير والتوفيق والإيمان بالله ورسوله قلوبَ هؤلاء المنافقين (١) = (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون)، يقول: فعل الله بهم هذا الخذلان، وصرف قلوبهم عن الخيرات، من أجل أنهم قوم لا يفقهون عن الله مواعظه، استكبارًا، ونفاقا. (٢)
* * *
واختلف أهل العربية في الجالب حرفَ الاستفهام.
فقال بعض نحويي البصرة، قال: (نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد)، كأنه قال: "قال بعضهم لبعض"، لأن نظرهم في هذا المكان كان إيماءً وشبيهًا به، (٣) والله أعلم.
* * *
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما هو: وإذا ما أنزلت سورة قال بعضهم لبعض: هل يراكم من أحد؟

(١) انظر تفسير " الصرف " فيما سلف ٣: ١٩٤ / ١١: ٢٨٦ / ١٣: ١١٢.
(٢) انظر تفسير " الفقه " فيما سلف ص: ٥٧٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة " وتنبيها به "، وصواب قراءته ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon