القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (٨٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربَّنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم (١) = وهم "الملأ" = "زينة"، من متاع الدنيا وأثاثها (٢) = (وأموالا) من أعيان الذهب والفضة = (في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك)، يقول موسى لربه: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من ذلك ليضلُّوا عن سبيلك.
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأه بعضهم: (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ)، بمعنى: ليضلوا الناسَ، عن سبيلك، ويصدّوهم عن دينك.
* * *
وقرأ ذلك آخرون: (لِيَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ)، بمعنى: ليضلوا هم عن سبيلك، فيجورُوا عن طريق الهدى. (٣)
* * *
فإن قال قائل: أفكان الله جل ثناؤه، أعطَى فرعون وقومه، ما أعطاهم من زينة الدنيا وأموالها، ليضلوا الناس عن دينه = أو ليضلُّوا هم عنه=؟ فإن كان لذلك أعطاهم ذلك، فقد كان منهم ما أعطاهم لذلك، (٤) فلا عتب عليهم في ذلك؟
(٢) انظر تفسير " الزينة " فيما سلف ١٢: ٣٨٩.
(٣) انظر هاتين القراءتين في معاني القرآن للفراء ١: ٤٧٧.
(٤) في المطبوعة: " ما أعطاه لأجله "، وأثبت ما في المخطوطة.