مريب)، يعنون أنهم لا يعلمون صحَّة ما يدعوهم إليه من توحيد الله، وأن الألوهة لا تكون إلا لهُ خالصًا.
* * *
وقوله: (مريب)، أي يوجب التهمة، من "أربته فأنا أريبه إرابة"، إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة، (١) ومنه قول الهذلي: (٢)

كُنْتُ إِذَا أَتَوْتُه مِنْ غَيْبِ يَشَمُّ عِطْفِي وَيبُزُّ ثَوْبِي
*كَأَنَّمَا أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ* (٣)
* * *
(١) انظر تفسير " الريبة " فيما سلف من فهارس اللغة (ريب).
(٢) هو خالد بن زهير الهذلي
(٣) ديوان الهذليين ١: ١٦٥، واللسان (ريب) (بزز)، (أتى)، وغيرها كثير، وسيأتي في التفسير ٢٢: ٧٦ (بولاق). وكان خالد بن زهير، ابن أخت أبي ذؤيب، وكان رسول أبي ذؤيب إلى صديقته، فأفسدها عليه، فكان يشك في أمره، فقال له خالد:
يَا قَوْمِ مَالِي وَأَبَا ذُؤَيْبِ كُنْتُ إذَا أَتَوْتُه من غَيْبِ
" أتوته "، لغة في " أتيته "، وقوله: " من غيب "، من حيث لا يدري، لأن " الغيب "، هو الموضع الذي لا يدري ما ورائه. و" يبز ثوبي "، أي يجذبه إليه، يريد أن يمسكه حتى يستخرج خبء نفسه، من طول ارتيابه فيه.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال صالح لقومه من ثمود: (يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي)، يقول: إن كنت على برهان وبيان من الله قد علمته وأيقنته (١) = (وآتاني منه رحمة)، يقول: وآتاني منه النبوة والحكمة
(١) انظر تفسير " البينة " فيما سلف من فهارس اللغة (بين).


الصفحة التالية
Icon