القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: اختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة: (إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ)، بمعنى: إن هذا الذي جئتنا به= يعنون القرآن= لسحر مبين.
* * *
وقرأ ذلك مسروق، وسعيد بن جبير، وجماعة من قراء الكوفيين: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ).
* * *
وقد بينت فيما مضى من نظائر ذلك: أن كل موصوف بصفةٍ، يدل الموصوف على صفته، وصفته عليه. (١)
والقارئ مخيَّرٌ في القراءة في ذلك، وذلك نظير هذا الحرف: (قال الكافرون إن هذا لسحر مبين)، و "لساحر مبين". (٢)
وذلك أنهم إنما وصفوه بأنه "ساحر"، ووصفهم ما جاءهم به أنه "سحر" يدل على أنهم قد وصفوه بالسحر. وإذْ كان ذلك كذلك، فسواءٌ بأيِّ ذلك قرأ القارئ، لاتفاق معنى القراءتين.
* * *
وفي الكلام محذوف، استغني بدلالة ما ذكر عما ترك ذكره، وهو: "فلما بشرهم وأنذرهم وتلا عليهم الوحي"= قال الكافرون: إن هذا الذي جاءنا به لسحرٌ مبين.
* * *
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: أكان للناس عجبًا أن أوحينا إلى

(١) في المطبوعة: " نزل الموصوف "، وفي المخطوطة: " ترك "، وصواب قراءتها ما أثبت.
(٢) انظر ما سلف ١١: ٢١٦، ٢١٧.

أخبرنا جويبر، عن الضحاك: (وكانوا فيه من الزاهدين) قال إخوته زهدوا، فلم يعلموا منزلته من الله ونبوته ومكانه.
١٨٩٤٠ - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: إخوته زهدوا فيه، لم يعلموا منزلته من الله.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقال الذي اشترى يوسف من بائعه بمصر.
* * *
وذكر أن اسمه:"قطفير".
١٨٩٤١ - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: كان اسم الذي اشتراه قطفير. (١)
* * *
وقيل: إن اسمه إطفير بن روحيب، وهو العزيز، وكان على خزائن مصر، وكان الملك يومئذ الريَّان بن الوليد، رجل من العماليق، كذلك: -
١٨٩٤٢ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق (٢).
* * *
(١) الأثر: ١٨٩٤١ - رواه الطبري في تاريخه ١: ١٧٢، وكان في المخطوطة في الموضعين:" قطيفين"، وفي التاريخ قبل الخبر" قطين"، وفي الخبر" قطفير".
(٢) الأثر: ١٨٩٤٢ - رواه الطبري في تاريخه ١: ١٧٢.


الصفحة التالية