:" (وهُوَ شَدِيدُ المَحَالِ) بفتح الميم، لأن الحيلة لا يأتي مصدرها"مِحَالا" بكسر الميم، ولكن قد يأتي على تقدير"المفعلة" منها، فيكون محالة، ومن ذلك قولهم:"المرء يعجزُ لا مَحالة، (١) و"المحالة" في هذا الموضع،"المفعلة" من الحيلة، فأما بكسر الميم، فلا تكون إلا مصدرًا، من"ماحلت فلانًا أماحله محالا"، و"المماحلة" بعيدة المعنى من"الحيلة".
* * *
قال أبو جعفر: ولا أعلم أحدًا قرأه بفتح الميم. (٢) فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بتأويل ذلك ما قلنا من القول.
* * *

(١) هذا مثل ذكره الميداني ٢: ٢٢١، وأبو هلال في الجمهرة: ١٩٣، وسمط الآلي: ٨٨٨، وخرجه، ومنه قول الشاعر:
حاولْتُ حين صَرَمْتَنِي والمرْءُ يَعجِزُ لا المحَالهْ
والدَّهْرُ يلعبُ بالفتى والدّهْرُ أرْوَغُ من ثُعالهْ
والمرءُ يَكْسِبُ مالهُ بالشُّحِّ يورِثه كَلالهْ
والعبدُ يُقْرعُ بالعَصَا والحرُّ تكفيهِ المَقالهْ
(٢) بل قرأها الأعرج والضحاك كذلك، انظر تفسير أبي حيان ٥: ٣٧٦، وشواذ القراءات لابن خالويه: ٦٦.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لله من خلقه الدعوة الحق، و"الدعوة" هي"الحق" كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله: (ولَدَارُ الآخِرَةِ) [سورة يوسف: ١٠٩]، وقد بينا ذلك فيما مضى. (١)
وإنما عنى بالدعوة الحق، توحيد الله وشهادةَ أن لا إله إلا الله.
* * *
(١) انظر ما سلف ص: ٢٩٤، ٢٩٥.


الصفحة التالية
Icon