كلّ أجوف خاو: هواء، ومنه قول حسَّان بن ثابت:

ألا أبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنّي فأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ (١)
ومنه قول الآخر:
وَلا تَكُ مِنْ أخْدانِ كُلّ بِراعةٍ هَوَاءٍ كَسَقْبِ البانِ جُوفٍ مَكاسِرُهْ (٢)
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ (٤٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة. (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) يقول: فيقول الذين كفروا بربهم، فظلموا بذلك أنفسهم (رَبَّنَا أَخِّرْنَا) أي أخِّر عنا عذابك، وأمهلنا (إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ) الحقّ، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئا، (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) يقولون: ونصدّق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ)
(١) البيت لحسان، كما في الديوان ص ٧، وأبو سفيان: هو المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي ﷺ وكان يهجو النبي قبل أن يسلم، والمجوف: الخالي الجوف، يريد به الجبان، وكذلك النخب والهواء، وقال في اللسان: النخب: الجبان، كأنه منتزع الفؤاد، أي لا فؤاد له. وقال في هوى: والهواء والخواء واحد. وأورد البيت كرواية المؤلف.
(٢) البيت في (اللسان: يرع) كرواية المؤلف. ونسبه ابن بري لكعب الأمثال (؟) وقال قبله: البراعة والبراع: الجبان الذي لا عقل له ولا رأي، مشتق من القصب أهـ: أي على التشبيه بالقصب الأجوف، والهواء: الجبان المنتزع الفؤاد. والبان: شجر يسمو ويطول في استواء وليس لخشبة صلابة، والسقب: عمود الخباء، وإذا اتخذ من شجر البان فإنه لا يحتمل لقلة صلابته، وجوف جمع أجوف، والمكاسر: مواضع الكسر، أي إذا كسر بان أنه أجوف ضعيف الاحتمال.


الصفحة التالية
Icon