قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلمٍ ﴾ في الظلم ها هنا قولان :
أحدهما : أنه الشرك، قاله ابن مسعود، وأُبَيّ بن كعب، روى ابن مسعود قال : لما نزلت هذه الآية شق على المسلمين فقالوا : ما منَّا من أحد إلا وهو يظلم نفسه، فقال رسول الله ﷺ :« لَيسَ كَمَا تَظُنُّونَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لَقْمَانُ لابْنِه » ﴿ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الْشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ].
والثاني : أنه سائر أنواع الظلم.
ومن قال بهذا اختلفوا في عمومها وخصوصها على قولين :
أحدهما : أنها عامة.
والثاني : أنها خاصة.
واختلف من قال بتخصيصها فيمن نزلت على قولين :
أحدهما : أن هذه الآية نزلت في إبراهيم خاصة وليس لهذه الأمة منها شيء، قاله علي كرّم الله وجهه.
والثاني : أنها فيمن هاجر إلى المدينة، قاله عكرمة.
واختلفوا فيمن كانت هذه الآية جواباً منه على ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه جواب من الله تعالى فصل به بين إبراهيم ومن حَاجّه من قومه، قاله ابن زيد، وابن إسحاق.
والثاني : أنه جواب قومه لما سألهم ﴿ أَيُّ الْفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالأمْنِ ﴾ ؟ فأجاوبا بما فيه الحجة عليهم، قاله ابن جريج.
والثالث : أنه جواب إبراهيم كما يسأل العالم نفسصه فيجيبها، حكاه الزجاج.
قوله تعالى :﴿ وَتَلْكَ جُجَّتُنآ ءَاتَينَاهآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ وفي هذه الحجة التي أوتيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : قوله لهم :﴿ أَتَعُْبدُونَ مِنْ دِونِ اللَّهِ مَا لاَ يمْلِكُ لَكُم ضَراً وَلاَ نَفْعاً ﴾ أم تعبدون من يملك الضر والنفع؟ فقالوا : مالك الضر والنفع أحق.
والثاني : أنه لما قال :﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالأمْنِ ﴾ عبادة إله واحد أم آلهة شتى؟ فقالوا : عبادة إله واحد فأقروا على أنفسهم.
والثالث : أنهم لما قالوا لإِبراهيم ألا تخاف أن تخبلك آلهتنا؟ فقال : أما تخافون أن تخبلكم آلهتكم بجمعكم للصغير مع الكبير في العبادة.
واختلفوا في سبب ظهور الحجَّة لإبراهيم على قولين :
أحدهما : أن الله تعالى أخطرها بباله حتى استخرجها بفكره.
والثاني : أنه أمره بها ولقنه إياها.
﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَشَاءُ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : عند الله بالوصول لمعرفته.
والثاني : على الخلق بالاصطفاء لرسالته.
والثالث : بالسخاء.
والرابع : بحسن الخلق.
وفيه تقديم وتأخير، وتقديره : نرفع من نشاء درجات.


الصفحة التالية
Icon