قوله تعالى :﴿ وَعلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ ﴾ يعني وتاب على الثلاثة الذين خلّفوا وفيه وجهان :
أحدهما : خلفوا عن التوبة وأخرت عليهم حين تاب عليهم، أي على الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، قاله الضحاك وأبو مالك.
الثاني : خلفوا عن بعث رسول الله ﷺ، قاله عكرمة.
وهؤلاء الثلاثة هم : هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك.
﴿ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾ لأن المسلمين امتنعوا من كلامهم.
﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ ﴾ بما لقوه من الجفوة لهم.
﴿ وَظَنُّوآ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ﴾ أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجؤون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه.
﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ﴾ قال كعب بن مالك : بعد خمسين ليلة من مقدم رسول الله ﷺ من غزاة تبوك.
﴿ لِيَتُوبُوآ ﴾ قال ابن عباس ليستقيموا لأنه قد تقدمت توبتهم وإنما امتحنهم بذلك استصلاحاً لهم ولغيرهم.
قوله تعالى :﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ في هذه الآية قولان :
أحدهما : أنها في أهل الكتاب، وتأويلها : يا أيها الذين آمنوا من اليهود بموسى، ومن النصارى بعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد ﷺ فآمنوا به، وكونوا مع الصادقين يعني مع النبي ﷺ وأصحابه في جهاد المشركين، قاله مقاتل بن حيان.
الثاني : أنها في المسلمين : وتأويلها : يا أيها الذين آمنوا من المسلمين اتقوا الله وفي المراد بهذه التقوى وجهان :
أحدهما : اتقوا الله من الكذب، قال ابن مسعود : إن الكذب لا يصلح في جدٍّ ولا هزل، اقرأُوا إن شئتم ﴿ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ وهي قراءة ابن مسعود هكذا : من الصادقين.
والثاني : اتقوا الله في طاعة رسوله إذا أمركم بجهاد عدوِّه.
﴿ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ فيهم أربعة أقاويل :
أحدها : مع أبي بكر وعمر، قاله الضحاك.
الثاني : مع الثلاثة الذين خُلفوا حين صدقوا النبي ﷺ عن تأخرهم ولم يكذبوا. قاله السدي.
والثالث : مع من صدق في قوله ونيته وعمله وسره وعلانيته، قاله قتادة.
والرابع : مع المهاجرين لأنهم لم يتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله ﷺ قاله ابن جريج.


الصفحة التالية
Icon