قوله تعالى :﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ﴾ فيها قولان :
أحدهما : أنها نزلت في قتلى أحُد حين مثلت بهم قريش.
واختلف قائل ذلك في نسخه على قولين :
أحدهما : أنها منسوخة بقوله تعالى :﴿ واصبر وما صبرك إلا بالله ﴾
الثاني : أنها ثابتة غير منسوخة فهذا أحد القولين.
والقول الثاني : أنها نزلت في كل مظلوم ان يقتص من ظالمه، قاله ابن سيرين ومجاهد ﴿ واصبر ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : اصبر على ما أصابك من الأذى، وهو محتمل.
الثاني : واصبر بالعفو عن المعاقبة بمثل ما عاقبوا من المثلة بقتلى أُحد، قاله الكلبي.
﴿ وما صبر إلا بالله ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : وما صبر إلا بمعونة الله.
الثاني : وما صبرك إلا لوجه الله.
﴿ ولا تحزن عليهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : إن لم يقبلوا.
الثاني : إن لم يؤمنوا.
﴿ ولا تك في ضيقٍ مما يمكرون ﴾ قرأ بن كثير ﴿ ضيق ﴾ بالكسر وقرأ الباقون بالفتح. وفي الفرق بينهما قولان :
أحدهما : أنه بالفتح ما قل، وبالكسر ما كثر، قاله أبو عبيدة.
الثاني : أنه بالفتح ما كان في الصدر، وبالكسر ما كان في الموضع الذي يتسع ويضيق، قاله الفراء.
قوله تعالى :﴿ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾ اتقوا يعني فيما حرم الله عليهم. والذين هم محسنون فيما فرضه الله تعالى، فجمع في هذه الآية اجتناب المعاصي وفعل الطاعات.
وقوله :﴿ مع الذين اتقوا ﴾ أي ناصر الذي اتقوا. وقال بعض أصحاب الخواطر : من اتقى الله في أفعاله أحْسَنَ إليه في أحواله، والله أعلم.