قوله تعالى :﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ﴾ أما قوله ﴿ سبحان ﴾ ففيه تأويلان :
أحدهما : تنزيه الله تعالى من السوء، وقيل بل نزه نفسه أن يكون لغيره في إسراء عبده تأثير.
الثاني : معناه برأه الله تعالى من السوء، وقد قال الشاعر :
أقول لمّا جاءني فَخْرُه | سبحان مِنْ علقمةَ الفاخِر |
تلقي بتسبيحةٍ مِنْ حيثما انصرفت | وتستفزُّ حشا الرائي بإرعاد |
أحدها : أن يستعمل في موضع الصلاة، من ذلك قوله تعالى :﴿ فلولا أنه كان من المسبِّحينَ ﴾ [ الصافات : ١٤٣ ] أي من المصلين.
الثاني : أن يستعمل في الاستثناء، كما قال بعضهم في قوله تعالى :﴿ ألم أقل لكم لولا تسبحون ﴾ [ القلم : ٢٨ ] أي لولا تستثنون.
الثالث : النور، للخبر المروي عن رسول الله ﷺ أنه قال « لأحرقت سبحات وجهه » أي نور وجهه.
الرابع : التنزيه، روي عن النبي ﷺ أنه سئل عن التسبيح فقال :« تنزيه الله تعالى عن السوء
». وقوله تعالى :﴿ أسرى بعبده ﴾ أي بنبيه محمد ﷺ، والسُّرى : سير الليل، قال الشاعر :
وليلة ذا ندًى سَرَيت | ولم يلتني مِنْ سُراها ليت |
أحدهما : يعني من الحرم، والحرم كله مسجد. وكان ﷺ حين أُسرى به نائماً في بيت أم هانىء بنت أبي طالب، روى ذلك أبو صالح عن أم هانىء.
الثاني : أنه أسرى به من المسجد، وفيه كان حين أسري به روى ذلك أنس بن مالك. ثم اختلفوا في كيفية إسرائه على قولين :
أحدهما : أنه أسريَ بجسمه وروحه، روى ذلك ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو هريرة وحذيفة بن اليمان.
واختلف قائلو ذلك هل دخل بيت المقدس وصلى فيه أم لا، فروى أبو هريرة أنه صلى فيه بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء، ثم رجع به الى المسجد الحرام فصلى فيه صلاة الصبح من صبيحة ليلته.
وروى حذيفة بن اليمان أنه لم يدخل بيت المقدس ولم يُصلّ فيه ولا نزل عن البراق حتى عرج به، ثم عاد إلى ملكه.