قوله تعالى ﴿ الحاقّةُ ما الحاقّةُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه ما حقّ من الوعد والوعيد بحلوله، وهو معنى قول ابن بحر.
الثاني : أنه القيامة التي يستحق فيها الوعد والوعيد، قاله الجمهور وفي تسميتها بالحاقة ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما ذكرنا من استحقاق الوعد والوعيد بالجزاء على الطاعات والمعاصي، وهو معنى قول قتادة ويحيى بن سلام.
الثاني : لأن فيها حقائق الأمور، قاله الكلبي.
الثالث : لأن حقاً على المؤمن أن يخافها.
وقوله « ما الحاقة » تفخيماً لأمرها وتعظيماً لشأنها.
﴿ وما أدْراكَ ما الحاقّة ﴾ قال يحيى بن سلام : بلغني أن كل شىء في القرآن فيه « وما أدراك » فقد أدراه إياه وعلّمه إياه، وكل شيء قال فيه « وما يدريك » فهو ما لم يعلمه إياه.
وفيه وجهان :
أحدهما : وما أدراك ما هذا الاسم، لأنه لم يكن في كلامه ولا كلام قومه، قاله الأصم.
الثاني : وما أدراك ما يكون في الحاقة.
﴿ كذّبَتْ ثمودُ وعادٌ بالقارعةِ ﴾ أما ثمود فقوم صالح كانت منازلهم في الحجر فيما بين الشام والحجاز، قاله محمد بن إسحاق : وهو وادي القرى، وكانوا عرباً.
وأما عاد فقوم هود، وكانت منازلهم بالأحقاف، والأحقاف الرمل بين عُمان إلى حضرموت واليمن كله، وكانوا عرباً ذوي خَلق وبَسطة، ذكره محمد بن إسحاق.
وأما « القارعة » ففيها قولان :
أحدهما : أنها قرعت بصوت كالصيحة، وبضرب كالعذاب، ويجوز أن يكون في الدنيا، ويجوز أن يكون في الآخرة.
الثاني : أن القارعة هي القيامة كالحاقة، وهما اسمان لما كذبت بها ثمود وعاد.
وفي تسميتها بالقارعة قولان :
أحدهما : لأنها تقرع بهولها وشدائدها.
الثاني : أنها مأخوذة من القرعة في رفع قوم وحط آخرين، قاله المبرد.
﴿ فأمّا ثمودُ فأهلِكوا بالطاغية ﴾ فيها خمسة أقاويل :
أحدها : بالصيحة، قاله قتادة.
الثاني : بالصاعقة، قاله الكلبي.
الثالث : بالذنوب، قاله مجاهد.
الرابع : بطغيانهم، قاله الحسن.
الخامس : أن الطاغية عاقر الناقة، قاله ابن زيد.
﴿ وأمّا عادٌ فأهْلِكوا بريحٍ صَرْصَرٍ عاتيةٍ ﴾ روى مجاهد عن ابن عباس قال :
قال رسول الله ﷺ :« نُصِرْتُ بالصَّبا وأُهلِكتْ عاد بالدَّبور ».
فأما صرصر ففيها قولان :
أحدهما : أنها الريح الباردة، قاله الضحاك والحسن، مأخوذ من الصر وهو البرد.
الثاني : أنها الشديدة الصوت، قاله مجاهد.
وأما العاتية ففيها ثلاثة أوجه :
أحدها : القاهرة، قاله ابن زيد.
الثاني : المجاوزة لحدها.
الثالث : التي لا تبقى ولا ترقب.
وفي تسميتها عاتية وجهان :
أحدهما : لأنها عتت على القوم بلا رحمة ولا رأفة، قاله ابن عباس.


الصفحة التالية
Icon