قوله تعالى :﴿ يا أيها المدَّثِّر ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يا أيها المدثر بثيابه، قاله قتادة.
الثاني : بالنبوة وأثقالها، قاله عكرمة.
﴿ قم ﴾ من نومك ﴿ فأنذر ﴾ قومك عذاب ربك.
ويحتمل وجهاً ثالثاً : يا أيها الكاتم لنبوته اجهر بإنذارك.
ويحتمل هذا الإنذار وجهين :
أحدهما : إعلامهم بنبوته لأنه مقدمة الرسالة.
الثاني : دعاؤهم إلى التوحيد لأنه المقصود بها.
قال ابن عباس وجابر هي أول سورة نزلت.
﴿ وثيابَك فَطِّهرْ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أن المراد بالثياب العمل.
الثاني : القلب.
الثالث : النفْس.
الرابع : النساء والزوجات.
الخامس : الثياب الملبوسات على الظاهر.
فمن ذهب على أن المراد بها العمل قال تأويل الآية : وعملك فأصلح، قاله مجاهد، ومنه ما روي عن النبي ﷺ أنه قال :
« يحشر المرء في ثوبيه اللذين مات فيها » يعني عمله الصالح والطالح.
ومن ذهب إلى أن المراد بالثياب القلب فالشاهد عليه قول امرىء القيس :
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ | فسلّي ثيابي من ثيابكِ تنسلِ |
أحدهما : معناه وقلبك فطهر من الإثم والمعاصي، قاله ابن عباس وقتادة.
الثاني : وقلبك فطهر من الغدر وهذا مروي عن ابن عباس، واستشهد بقول الشاعر :
فإني بحْمدِ الله لا ثوْبَ فاجر | لبست ولا مِن غَدْرةٍ أَتَقَنّع. |
أحدها : معناه ونفسك فطهر مما نسبك إليه المشركون من شعر أو سحر أو كهانة أو جنون، رواه ابن أبي نجيح وأبو يحيى عن مجاهد.
الثاني : ونفسك فطهرها مما كنت تشكو منه وتحذر، من قول الوليد بن المغيرة، قاله عطاء.
الثالث : ونفسك فطهرها من الخطايا، قاله عامر.
ومن ذهب إلى أن المراد النساء والزوجات فلقوله تعالى :﴿ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ] ولهم في تأويل الآية وجهان :
أحدهما : معناه ونساءك فطهر باختيار المؤمنات العفائف.
الثاني : الاستمتاع بهن من القبل دون الدبر، وفي الطهر دون الحيض، حكاهما ابن بحر.
ومن ذهب إلى أن المراد بها الثياب الملبوسة على الظاهر، فلهم في تأويله أربعة أوجه :
أحدها : معناه وثيابك فأنْقِ، رواه عطاء عن ابن عباس، ومنه قول امرىء القيس :
ثياب بني عَوفٍ طهارى نقيّةٌ | وأَوْجُهُهُمْ عند المشاهد غُرّان |
الثالث : وثيابك فطهر من النجاسات بالماء، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء.
الرابع : معناه لا تلبس ثياباً إلا [ من ] كسب حلال مطهرة من الحرام.
﴿ والرُّجْزَ فاهْجُرْ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : يعني الآثام والأصنام، قاله جابر وابن عباس وقتادة والسدي.