قوله تعالى :﴿ إذا السماءُ انْفَطَرتْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : انشقت.
الثاني : سقطت، قال الشاعر :

كانوا سعوداً سماءَ الناس فانفطرت فأصبح الشمل لم ترفع له عُمُد
﴿ وإذا الكواكب انتَثَرتْ ﴾ يعني تساقطت، قال ابن عباس، تسقط سوداء لا ضوء لها.
﴿ وإذا البحار فُجِّرَتْ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يبست، قاله الحسن.
الثاني : خلطت فصارت بحراً واحداً، وهذا معنى قول ابن عباس، قال : وهو سبعة أبحر فتصير بحراً واحداً.
الثالث : فجر عذبها في مالحها : ومالحها في عذبها، قاله قتادة.
ويحتمل رابعاً : أي فاضت.
﴿ وإذا القبور بُعْثِرتْ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : بحثت وثوّرت، قاله ابن عباس وعكرمة، وقال الفراء : فيخرج ما في بطنها من الذهب والفضة، وذلك من أشراط الساعة أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها ثم تخرج الموتى.
الثاني : حركت للبعث، قاله السدي.
الثالث : بعث من فيها من الأموات، قاله قتادة.
﴿ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قدَّمَتْ وأَخرَتْ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ما عملت وما تركت، قاله ابو رزين.
الثاني : ما قدمت من طاعة، وأخرت من حق الله، قاله ابن عباس.
الثالث : ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث.
ويحتمل ما قدمت من معصية وأخرت من طاعة، لأنه خارج مخرج الوعيد، وهذا جواب ﴿ إذا السماء انفطرت ﴾ لأنه خبر، وجعلها الحسن قَسَماً وقعت على قوله ﴿ علمت نفس ﴾ الآية.
والأظهر ما عليه الجماعة من أنه خبر وليس بقسم.
﴿ يا أيها الإنسان ما غّرَّك بربِّكَ الكريم ﴾ في الإنسان ها هنا ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه إشارة إلى كل كافر.
الثاني : أنه أبي بن خلف، قاله عكرمة.
الثاث : أنه أبو الأشد بن كلدة بن أسد الجمحي، قاله ابن عباس.
وفي الذي غرَّه قولان :
أحدهما : عدوه الشيطان، قاله قتادة.
الثاني : جهله، وهو قول عمر بن الخطاب.
ويحتمل قولاً ثالثاً : إنه إمهاله.
« الكريم » الذي يتجاوز ويصفح، وروى الحسن أن عمر بن الخطاب لما قرأ ﴿ يا أيها الإنسان ﴾..... الآية، قال : حمقه وجهله.
﴿ الذي خَلَقَك فسَوَّاك فَعدَلك ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : فسوى خلقك وعدل خلقتك.
الثاني : فسوَّى أعضاءك بحسب الحاجة وعدلها في المماثلة لا تفضل يد على يد، ولا رجل على رجل.
الثالث : فسواك إنساناً كريماً وعدل بك عن أن يجعلك حيواناً بهيماً.
قال أصحاب الخواطر : سوّاك بالعقل وعدلك بالإيمان.
﴿ في أَيِّ صورَةٍ ما شاءَ رَكّبَكَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ما شاء ركبك من شبه أم أو أب أو خال أو عم، قاله مجاهد.
الثاني : من حسن أو قبح أو طول أو قصر أو ذكر أو أنثى، قاله ابن عيسى.
الثالث : في أي صورة من صور الخلق ركبك حتى صرت على صورتك التي أنت عليها أيها الإنسان لا يشبهك شيء من الحيوان.


الصفحة التالية
Icon