وقال ميمون بن مهران: كان رسول الله ﷺ يكتب في أول ما يوحى إليه: باسمك اللهم حتى نزلت هذه الآية (إِنَّهُ مِن سُلَيمانَ وَإِنَّهُ بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ) فكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال مشركو العرب: هذا الرحيم نعرفه، فما الرحمن؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الضحاك: قال أهل التفسير: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله عز وجل (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها) الآية. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: حدثنا عبد الله بن مطيع وأحمد بن منيع قالا: حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله تعالى (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها) قال: نزلت ورسول الله ﷺ مختف بمكة وكانوا إذا سمعوا القرآن سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله عز وجل لنبيه ﷺ (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن (وَلا تُخافِت بِها) عن أصحابك فلا يسمعون (وَاِبتَغِ بَينَ ذَلِكَ سَبيلاً). رواه البخاري عن مسدد. ورواه مسلم عن عمرو الناقد، كلاهما عن هشيم.
وقالت عائشة رضي الله عنها: نزلت هذه الآية في التشهد، كان الأعرابي يجهر فيقول: التحيات لله والصلوات الطيبات يرفع بها صوته، فنزلت هذه الآية.
وقال عبد الله بن شداد: كان أعراب بني تميم إذا سلم النبي ﷺ من صلاته قالوا: اللهم ارزقنا مالاً وولداً ويجهرون، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن حرب قال: حدثنا مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني، عن هشام بن عروة، عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها) قالت: إنها نزلت في الدعاء.
سورة الكهف
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله تعالى (وَاِصبِر نَفسَكَ) الآية. حدثنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري إملاء في دار السنة يوم الجمعة بعد الصلاة في شهور سنة عشر وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسن بن عيسى بن عبد ربه الحيري قال: حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال: حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني قال: حدثنا سليمان بن عطاء الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه ابن مشجعة بن ربعي الجهني، عن سلمان الفارسي قال: جاءت المؤلفة القلوب إلى رسول الله ﷺ عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وذووهم، فقالوا: يا رسول الله إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك، فأنزل الله تعالى (وَاِتلُ ما أَوحِيَ إِلَيكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ لامُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلتَحَداً. وَاِصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ) حَتّى بلغ (إِنّا أَعتَدنا لِلظّالِمينَ ناراً) يتهددهم بالنار، فقام النبي ﷺ يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى قال: الحمد الله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات.
قوله تعالى (وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا) الآية. أخبرنا أبو بكر الحارثي قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا أبو مالك، عن جوهر، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله تعالى (وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا) قال: نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وذلك أنه دعا النبي ﷺ إلى أمر كرهه من تحرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة، فأنزل الله تعالى (وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا) يعني من ختمنا على قلبه عن التوحيد (وَاِتَبَعَ هَواهُ) يعني الشرك.