قوله تعالى (أَفَرَأَيتَ الَّذي تَوَلّى وَأَعطى قَليلاً وَأَكدى) الآيات. قال ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك: نزلت في عثمان بن عفان، كان يتصدق وينفق في الخير، فقال له أخوة من الرضاعة عبد الله بن أبي سرح: ما هذا الذي تصنع؟ يوشك أن لا يبقى لك شيئاً، فقال عثمان: إن لي ذنوباً وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله سبحانه وتعالى وأرجو عفوه، فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة، فأنزل الله تبارك وتعالى (أَفَرَأَيتَ الَّذي تَوَلّى وَأَعطى قَليلاً وَأَكدى) فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله.
وقال مجاهد وابن زيد: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكان قد اتبع رسول الله ﷺ على دينه فعيره بعض المشركين، وقال: لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار؟ قال: إني خشيت عذاب الله، فضمن له إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله تعالى (وَأَنَّهُ هُوَ أَضحَكَ وَأَبكى) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الفضل قال: أخبرنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: أخبرتنا دلال بنت أبي المدل قالت: حدثتنا الصهباء عن عائشة قالت: مر رسول الله ﷺ بقوم يضحكون، فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، فنزل جبريل عليه السلام بقوله (وَأَنَّهُ هُوَ أَضحَكَ وَأَبكى) فرجع إليهم فقال: ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل عليه السلام فقال: ائت هؤلاء وقل لهم: إن الله عز وجل يقول (وَأَنَّهُ هُوَ أَضحَكَ وَأَبكى).
سورة القمر
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله عز وجل (اِقتَرَبَتِ الساعَةُ وَاِنشَقَّ القَمَرُ) أخبرنا أبو حليم عقيل بن محمد الجرجاني إجازة بلفظه أن أبا الفرج القاضي أخبرهم قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: أخبرنا الحسين بن أبي يحيى المقدسي قال: أخبرنا يحيى بن حماد قال: أخبرنا ابن عوانة، عن المغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عبد الله قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة سحركم، فاسألوا السفار فسألوهم فقالوا: نعم قد رأينا، فأنزل الله عز وجل (اِقتَرَبَتِ الساعةُ وَاِنشَقَّ القَمَرُ وَإِن يَروا آَيَةً يُعرِضوا وَيَقولوا سِحرٌ مُّستَمِرٌّ).
قوله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُرٍ) إلى (إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ) أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي قال: أخبرنا حمدان بن صالح الأشج قال: أخبرنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد قال: أخبرنا سفيان الثوري عن زياد بن إسماعيل المخزومي، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي هريرة قال: جاءت قريش يختصمون في القدر، فأنزل الله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُرٍ، يَومَ يُسحَبونَ في النارِ عَلى وُجوهِهِم ذوقوا مَسَّ سَقَرَ، إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ) رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان.
قال الشيخ: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بجرجان قال: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزار قال: أشهد بالله لقد سمعت علي بن حنبل يقول: أشهد بالله لسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي بخراسان يقول: أشهد بالله لسمعت عبد الله بن الصقر الحافظ يقول: أشهد بالله لسمعت عفير بن معدان يقول: أشهد بالله لسمعت سليمان بن عامر يقول: أشهد بالله لسمعت أبا أمامة الباهلي يقول: أشهد بالله لسمعت رسول الله ﷺ يقول: إن هذه الآية نزلت في القدرية (إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُر يَومَ يُسحَبونَ في النارِ عَلى وُجوهِهِم ذوقوا مَسَّ سَقَرَ).