قوله تعالى (يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ) قال المفسرون: كان المسلمون يقولون: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا، فدلهم الله على أحب الأعمال إليه فقال (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذينَ يُقاتِلونَ في سَبيلِهِ صَفّاً) الآية. فابتلوا يوماً بذلك فولوا مدبرين، فأنزل الله تعالى (لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ).
سورة الجمعة
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. قوله عز وجل (وَإِذا رَأَوا تِجارَةً أَو لَهواً اِنَفَضُّوا إِلَيها) أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، أخبرنا محمد بن مسلم بن واره، أخبرنا الحسن بن عطية، أخبرنا إسرائيل، عن حصين بن عبد الرحمن، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الرحمن قال: كان رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير قد قدمت، فخرجوا إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأنزل الله تبارك وتعالى (وَإِذا رَأَوا تِجارَةً أَو لَهواً اِنفَضُّوا إِلَيها وَتَرَكوكَ قائِماً) رواه البخاري عن حفص بن عمر، عن خالد بن عبد الله، عن حصين.
أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن يحيى الطلحي، أخبرنا جعفر بن أحمد بن عمران الشامي، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس، أخبرنا عنتر بن القاسم، أخبرنا حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله ﷺ في الجمعة، فمرت عير تحمل الطعام، فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً، فنزلت آية الجمعة. رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير، ورواه البخاري في كتاب الجمعة عن معاوية بن عمرو عن زائدة كلاهما عن حصين. قال المفسرون: أصاب أهل المدينة أصحاب الضرار جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة الكلبي في تجارة من الشام وضرب لها طبل يؤذن الناس بقدومه ورسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً منهم أبو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لم يبق أحد منكم لسال بكم الوادي ناراً.
سورة المنافقين
بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم. أخبرنا عبد الرحمن بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن أحمد المجبوي، أخبرنا سعيد بن مسعود، أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن السدي، عن أبي سعيد الأزدي، عن زيد بن أرقم قال: غزونا مع النبي ﷺ وكان معنا ناس من الأعراب وكنا نبدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا، فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، فأتى رجل من الأنصار فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه الأعرابي، فأخذ خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه، فأتى الأنصاري عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبي، ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، يعني الأعراب، ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل، قال زيد بن أرقم وأنا ردف عمي: فسمعت عبد الله، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق وكذبني، فجاء إلى عمي فقال: ما أردت أن مقتك رسول الله ﷺ وكذبك المسلمون، فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط، فبينا أنا أسير مع رسول الله ﷺ إذ أتاني فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الدنيا، فلما أصبحنا قرأ رسول الله ﷺ سورة المنافقين (قالوا نَشهَدُ إِنَّكَ لَرَسولُ اللهِ) حتى بلغ (هُمُ الَّذينَ يَقولونَ لا تُنفِقوا عَلى مَن عِندَ رَسولِ اللهِ حَتّى يَنفَضُّوا) حتى بلغ (لَيُخرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنها الَأذَلَّ).