باب في منازل أهل القرآن من الجنة


ثني أبو القاسم حمزة بن يوسف الجرجاني، نا أبو الحسن الرزاز، نا أبو بكر الفريابين نا قتيبة بن سعيد وابن أبي شيبة قالا، نا وكيع، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش: عن عبد الله، عن النبي ﷺ قال: (يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ، وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها).
فهذه الأخبار التي مضت بعض ما جاء في التنبيه على فضل القرآن وحملته، والحث والتحضيض على إقرائه وتعليمه وتعلمه، والإيحاد والتوبيخ على نسيانيه وتكره، وهي خاصة للمؤمين دون المنافقين، لأن المنافقين ينسونه أحوج ما يكونون إليه، وذلك من حديث شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة قرأ الله تبارك وتعالى القرآن على الناس كأنهم لم يسمعوه، فيحفظ المؤمنون وينساه المنافقون)ز أنا محمد بن القاسم الأبرقوهي بنيسابور، نا أبو يعقوب الفرجي، نا الحسين بن أحمد بن محمد بن عيسى المؤدب، نا الحسن بن أحمد الطوسي، نا محمد بن إدريس الدقيقي، نا محمد بن يونس القرشي، نا عباد بن واقد مولى بني هاشم، نا عبد ا لله بن جراد، نا أشعث الحداني، عن شهر بن حوشب، وقد جاء أنه يرفع عن المصاحف وصدور الناس في الدنيا، وأن الخضر وإلياس يموتان حينئذ بذلك.
أخبرني محمد بن القاسم، نا أحمد بن يعقوب، نا يزيد بن سمعان الواسطي، نا علي بن المنذر الطرائقي، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، إنه قال: إن الخضر وإلياس يحييان في الأرض ما دام القرآن في الأرض، فإذا رفع القرآن ماتا عليهما السلام.
فأما حديث الرفع: فأخبرناه أبو الحسين أحمد بن إبراهيم بن فراس بمكة سنة خمس وتسعين وثلثمائة، نا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي، نا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، نا سفيان بن عيينة، نا عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت شداد بن معقل يقول عن ابن مسعود أنه قال: إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وإن أخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن يرفع، قال: فقلت لعبد الله: وكيف يرفع وقد أثبته الله في صدورنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ فقال: تسري عليه ليلة فلا يترك منه شيء في صدورنا وأثبتناه في مصاحفنا؟ فقال: تسري عليه ليلة فلا يترك منه شيء في صدر رجل ولا في مصحف، ثم قرأ، يعني هذه الآية: (وَلئِن شِئنا لَنَذهَبَنَّ بِالَّذَي أَوحينا إِليكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَينا وَكيلاً).
جعلنا الله من الحافظين للقرآن، والتالين له، والمستمعين إلى من قرأه، والمتدبرين له، والمتذكرين به، والعاملين بما أمر فيه، والناهين عما نهى عنه، والمخلصين في جميع ذلك لوجهه، ولا سلبه من قلوبنا ولا آثار بركته عنا، إنه جواد كريم رؤوف بالعباد.


Icon