فقرأ قنبل وورش بتحقيق الأولى، وتليين الثانية فتحصل في قراءتهما مدتان: مدة قبل الهمزة، ومدة بعدها. غير أن المدة الأولى أطول لأنها ألف محضة، والثانية: ليست ألفا محضة، ولا ياء ولا واوا، وإنما هي بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها.
وقرأ أبو عمرو: بإسقاط الأولى وتحقيق الثانية فتحصل في قراءته مدة واحدة قبل الهمز فقط، وتابعه البزي وقالون في المفتوحتين لا غير.
وقرأ في المكسورتين والمضموتين بتليين الأولى، وتحقيق الثانية، فتصير الأولى من المكسورتين كالياء المختلسةن الكسرة، ومن المضمومتين كالواو المختلسة الضمة.
الباقون بتحقيق الهمزتين في ذلك كله.
وأما المختلفتا الحركتين، فقرأ الحرميان وأبو عمرو بتحقيق الأولى، وتليين الثانية. فإن كانت الثانية مفتوحة، وقبلها ضمة أو كسرة، قلبوها حرفا من جنس حركة ما قبلها نحو: (السفهاءُ ولا) و (أَن لو نشاءُ وصبناهم) هذه واو محضة.
و (من الشهداءين تضل) و (هؤلاء يضلونا) هذه ياء محضة.
وإن كانت الثانية مكسورة، أو مضمومة جعلوها من الهمزة والحرف الذي منه حركتها ولم يحفلوا بحركة ما قبلها نحو: (الشهداء إذا ما) و (البغضاء إلى) و (جاء اُمّةَ) وما أشبه ذلك.
الباقون: بتحقيق الهمزتين في ذلك كله.

باب نقل ورش لحركة الهمزة


أعلم أن ورشا ينقل حركة الهمزة إلى الساكن الذي قبلها، فيحركه بحركتها ويسقط الهمزة في جميع القرآن هذا إذا كانت الهمزة في أول كلمة، والساكن في كلمة أخرى قبلها.
وسواء كان ذلك الساكن تنوينا أو غيره من الحروف كقوله (من شيء إذ كانوا) و (كفور إذن) و (قد أفلح) و (أن أَرضعيه) و (من أَوسط) وما أشبه ذلك.
إلا أن يكون الساكن الذي قبل الهمزة أحد حروف المد واللين أو هاء السكت في قوله تعالى: (كتابيه) إلا في " الحاقة " فإنه لا ينقل إليها حركة الهمزة.
فأما إذا كان الساكن مع الهمزة في كلمة واحدة، فإنه لا ينقل إليه الحركة غلا في لام التعريف وحده فقط نحو: الأسماء والإنسان والآخرة وما أشبه ذلك.
فأما قوله: (الآن) في " يونس " " ٥١ ".
وقوله: (ردءاً يصّدقني) في " القصص " ٣٤ " وقوله: (عاداً الأُولى) في " النجم " " ٥٠ ".
فنذكرها في مواضعها إن شاء الله.

باب الهمزة التي تترك من غير نقل في الكلمة الواحدة


أما الهمزة الساكنة المفتوح ما قبلها. فإن ورشا كان يعتبر ما قبلها، فإن كان أحد ستة أحرف وهي هجاء " تنوفين " قلب الهمزة الساكنة التي بعدها ألفا في الوصل والوقف جميعا، وحققها فيما سوى ذلك، وخالف أصله مع ثلاثة أحرف من هذه الستة وهي هجاء " موف ".
فأما الميم: فإنه خالف أصله معها في " المأوى " وما تصرف منه، وفي قوله: (فإذا أَطمأننتم) في " النساء " فهمز فيهما.
وأما الواو: فإنه خالف أصله معها في قوله: (بَوّأنا) في " يونس " ٩٣ و " الحج " ٢٦ فهمزهما.
وأما الغاء: فإنه خالف أصله معها في قوله: (فَأَؤوا إلى الكَهف) في سورة " الكهف " ١٦ فهمزه.

فصل


وأما الهمزة الساكنة المضموم ما قبلها، فإنه كان يعتبر ما قبلها، فإن كان أحد أربعة أحرف وهي هجاء " متين " قلب الهمزة واوا في الوصل والوقف وحققها فيما سوى ذلك.
وخالف أصله مع التاء في قوله: (تؤوي إِليك) في " الأحزاب " ٥١ و (فصيلته التي تُؤِيهِ) في " المعارج ١٣ فهمزهما.

فصل


وأما الهمزة الساكنة المكسور ما قبلها، فإنه لا يتركها إلا في " بئس " وماتصرف منه و (بئر معطلة) في الحج ٤٥، و " الذئب " حيث وقع.
وتابعه قالون في موضع واحد قوله: (بعذاب بئيس) في " الأعراف ١٦٥ فترك همزه، وتابعه الكسائي في الذئب فترك همزه حيث وقع.
الباقون: بتحقيق الهمز في جميع ذلك.

فصل


فأما الهمزة المتحركة، فإن ورشا كان يحققها كسائر القراء إلا في موضعين: أحدهما: " لئلا " حيث وقع، فإنه قلب الهمزة فيه ياء.
والآخر: إذا كانت الهمزة مفتوحة، وقبلها أحد أربعة أحرف مضموما، وهي هجاء " متين " فإنه قلب الهمزة واوا بعد هذه الأحرف نحو: (مُؤَجَلاً) و (المُؤَلَفَةُ) و (تُؤَدُوا الأَماناتِ) و (يُؤَيِّد) و (ما نُؤَخِرُهُ).
الباقون: بتحقيق الهمزة في ذلك كله، إلا أن حفصا خالف أصله في قوله: (هُزُواً) حيث وقع وقوله: (كُفُواً) فقلب الهمزة فيهما واوا مفتوحة.
وأما (سأَل سائل) فنذكره في موضعه.


الصفحة التالية
Icon