باب الهمزة الساكنة التي هي فاء من الفعل


هذه الهمزة أصلية، ولكن لا يمكن النطق بها لسكونها فتجتلب لها همزة الوصل ليتوصل إلى النطق بها.
فإذا دخلت عليها همزة الوصل انقلبت هي على حركتها كراهة الجمع بين همزتين.
فإن كانت حركة همزة الوصل الكسر، انقلبت هذه الأصلية ياء، وإن كانت الضم انقلبت واوا نحو: (إئت بقرآن) (اؤتمِنَ أمانته) لا خلاف بينهم في هذا.
فإذا اتصل بهذه الهمزة شيء من قبلها، فإن همزة الوصل تذهب للإستغناء عنها، ويقع في الأصلية الإختلاف، فكل القراء يهمزها إلا ورشا وأبا عمرو. إذا ترك الهمز فإنهما يقلبانها على حركة ما قبلها نحو: (لِقاءنا أئتِ بقرآن) (ثُمَّ أئتوا صَفّاً) (الذي أُؤتُمن) (يا صالحُ إِئتِنا) وما أشبهه.

باب مذهب أبي عمرو في الهمزات السواكن


روى السوسي عن البزي عن أبي عمرو: أنه كان يترك كل همزة ساكنة في القرآن، ويبدل منها حرفا من جنس حركة ما قبلها إلا في خمسة وثلاثين موضعا خالف أصله فيها فهمزها منها: ما كان سكون الهمزة علامة للجزم نحو قوله: (إن نشأ نذهبكم) (أَو ننسأها) و (إن تصبك حسنةٌ تسؤهم) وما أشبه ذلك مما قد دخل عليه حرف جزم، أو كان جوابا لمجزوم، أو معطوفا على مجزوم، وجملته تسعة عشر موضعا ومنها: ما كان سكون الهمزة فيه علامة للبناء في فعل الأمر خاصة نحو: (أنبِئهم بأَسمائهم) و (أَزجِه وأَخاه) و (نَبِئنا بتأويله) وما أشبه ذلك مما يدخل عليه جازم، وإنما هو مبني للأمر، وجملته أحد عشر موضعا، ومنها: قوله: (وتُؤدي إليك) في الأحزاب " ٥١ (وفصيلته التي تؤويهِ) في سأل سائل ومنها قوله: (وَرِئياً) في مريم ٧٤.
ومنها قوله: (مُؤصدة) في " البلد " ٢٠ " والهمزة " ٨.
وكان شيخنا - رحمه الله - يخير لأبي عمرو في كلتا روايته في ترك الهمزات السواكن وفي تحقيقها. والذي قرأت به عليه لأبي عمرو والدوري بالهمز للسوسي بغير همز.

باب مذهب حمزة وهشام في الوقف على الهمز


أما الهمزة الساكنة: فإن حمزة يبدل منها في الوقف حرفا من جنس حركة ما قبلها متوسطة كانت أو متطرفة نحو (يأكل) و (الذئب) و (يؤمنون) و (إن يشأ) و (يهيء).
وكذلك إن كانت متطرفة وقبلها متحرك كقوله: (اللَهُ يستهزىء و (يَتَفَيؤ) و (إِن امرؤٌ) و (لؤلؤ) ونحو ذلك.
ويقف على قوله تعالى: (تُؤوي إِليكَ) و (تُؤويهِ) بواو مشددة، وعلى قوله: (وَرئياً) مشددة.
هذا هو الإختيار في هذين الموضعين.

فصل


فأما الهمزة المتحركة إذا كان قبلها ساكن متوسطة كانت أو متطرفة، فإنه يعتبر ذلك الساكن.
فإن كان أصليا نقل إليه حركة الهمزة - أي حركة كانت - فحركه بها، وأسقط الهمزة، كقوله: (النَّشأَة) و (المَؤودَة) و (جَزاءً) و (شَيئاً) و (دِفء) و (الخَبء) وما أشبهه.
إلا أن المتطرفة إذا نقل حركتها إلى ما قبلها وحذفها أسكن الحرف المتحرك بحركتها للوقف نحو: (دِفء) و (الخَبء) وله أن يروم الحركة، ويشمها في المجرور المضموم، لأن مذهبه الروم والإشمام، وهو الإختيار له، والإسكان جائز، وهو الأصل.
وإن كان الساكن الذي قبل هذه الهمزة زائدا، فلا يكون إلا أحد حروف المد واللين.
فإن كان ياءا أو واوا قلب الهمزة التي بعده حرفا من جنسه بأي تحركت وأدغم ذلك الزائد فيه، كقوله: (خطيئة) و (هنيئاً) و (النسىء) و (ثلاثة قروء) وإن كان الزائد ألفا جعل الهمزة التي بعده بين بين أن الألف لا ترغم نحو: (وَما كانوا أَولياءَهُ) (إِن أَولياؤه) و (لائِم) يجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها. وكذلك إن كانت الألف من نفس الكلمة حكمها في هذا كحكم الزائدة نحو: (فمن جاءه) و (جاءَوا) وما أشبهه.

فصل


فإن كانت الهمزة التي بعد الألف متطرفة قلبها ألفا على كل حال بأي حركة تحركت لسكونها في الوقف وانفتاح ما قبل الألف التي قبلها؛ لأن الألف ليست بحاجز حصينن فكأن الفتحة قد وليت الهمزة نحو: (يَشاء) و (من الماء) و (شُهداء) ويمد مدا طويلا لاجتماع الألفين.

فصل


فإن كان ما قبل الهمزة المتحركة متحركا فإنه يعتبر هذه الهمزة.


الصفحة التالية
Icon